قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} فيه ثلاثة أوجه أحدها: قصدك.الثاني: دينك، قاله الضحاك.الثالث: عملك، قاله الكلبي.{لِلدِّينِ حَنِيفاً} فيه ستة تأويلات أحدها: مسلماً، وهذا قول الضحاك.والثاني: مخلصاً، وهذا قول خصيف.الثالث: متبعاً، قاله مجاهد.الرابع: مستقيماً، قاله محمد بن كعب.الخامس: حاجّاً، قاله ابن عباس.السادس: مؤمناً بالرسل كلهم، قاله أبو قلابة.{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} فيها تأويلان أحدهما: صنعة الله التي خلق الناس عليها، قاله الطبري.الثاني: دين الله الذي فطر خلقه عليه، قاله ابن عباس والضحاك والكلبي يريد به الإسلام وقد روى عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مِن فِطْرةِ إِبْرَاهِيمَ السُّوَاكُ» ومن قول كعب بن مالك:إن تقتولنا فدين الله فطرتنا *** والقتل في الحق عند الله تفضيل{لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} فيه ثلاثة تأويلات أحدها: لا تبديل لدين الله، قاله مجاهد وقتادة.الثاني: لا تغيير لخلق الله من البهائم أن يخصي فحولها، قاله عمر بن الخطاب وابن عباس وعكرمة.الثالث: لا تبديل خالق غير الله فيخلق كخلق الله، لأنه خالق يخلق، وغيره مخلوق لا يخلق، وهو معنى قول ابن بحر.ويحتمل رابعاً، لا يشقى من خلقه سعيداً ولا يسعد من خلقه شقيّاً.{ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} فيه تأويلان أحدهما: ذلك الحساب البين، قاله مقاتل بن حيان.الثاني: ذلك القضاء المستقيم، قاله ابن عباس.{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} أي لا يتفكرون فيعلمون أن لهم خالقاً معبوداً وإلهاً قديماً:قوله: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} فيه أربعة تأويلات:أحدها: مقبلين إليه، قاله يحيى بن سلام والفراء.الثاني: داعين إليه، قاله عبيد بن يعلى.الثالث: مطيعين له، قاله عبد الرحمن بن زيد.الرابع: تائبين إليه من الذنوب، ومنه قول أبي قيس بن الأسلت:فإن تابوا فإن بني سليم *** وقومهم هوازن قد أنابواوفي أصل الإنابة قولان أحدهما: أن أصله القطع ومنه أخذ اسم الناب لأنه قاطع فكأن الإنابة هي الانقطاع إلى الله عز وجل بالطاعة.الثاني: أن أصله الرجوع مأخوذ من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد مرة ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة.قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} أي أوقعوا فيه الاختلاف حتى صاروا فرقاً وقرئ {فَارَقُواْ دِينَهُم} أي تركوه وقد قرأ بذلك علي رضي الله عنه وهي قراءة حمزة والكسائي وفيهم أربعة أقاويل:أحدها: أنهم اليهود، قاله قتادة.الثاني: أنهم اليهود والنصارى، قاله معمر.الثالث: أنهم الخوارج من هذه الأمة، وهذا قول أبي هريرة ورواه أبو أمامة مرفوعاً.الرابع: أنهم أصحاب الأهواء والبدع، روته عائشة مرفوعاً.{وَكَانُواْ شِيَعاً} فيه وجهان أحدهما: فرقاً، قاله الكلبي.الثاني: أدياناً، قاله مقاتل.ويحتمل ثالثاً: أنهم أنصار الأنبياء وأتباعهم.{كُلُّ حِزْبٍ} أي فرقة {بِمَا لَدَيْهِمْ فِرِحُونَ} أي بما عندهم من الضلالة {فَرِحُونَ} فيه ثلاثة أوجه أحدها: مسرورون، قاله الجمهور.الثاني: معجبون، قاله ابن زيد.الثالث: متمسكون، قاله مجاهد.